الحوار المسيحي - الإسلامي

 

هل جاء بولس بديانة جديدة تخالف تعاليم المسيح؟ 1 ناموس الوصايا في فرائض

هل هناك تناقضاً بين كلام وتعاليم بولس وكلام وتعاليم السيد المسيح في هذه الفقرة 
والخاصة بابطال ناموس الوصايا في فرائض؟؟؟

حسنا دعنا نقرأ مرة اخري مقولة بولس، لاحظ فيها ان بولس يتكلم عن يسوع المسيح بوصفه مبطلاً بجسده ناموس الوصايا في فرائض (ولم يقل منقضاً الناموس) :

"13 ولكن الآن في المسيح يسوع انتم الذين كنتم قبلا بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح. 14 لانه هو سلامنا الذي جعل الاثنين واحدا ونقض حائط السياج المتوسط 15 اي العداوة. مبطلاً بجسده ناموس الوصايا في فرائض لكي يخلق الاثنين في نفسه انساناً واحداً جديداً صانعاً سلاماً"
(افسس 2 : 13 – 15)

قال يسوع المسيح :
"17 لا تظنوا اني جئت لانقض الناموس او الانبياء. ما جئت لانقض بل لاكمّل. 18 فاني الحق اقول لكم الى ان تزول السماء والارض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل." (متى 5: 17 – 18)

ماذا كان يقصد بولس بقصده ان يسوع (يبطل ناموس الوصايا في فرائض).
وماذا كان يقصد يسوع بانه جاء ليكمل الناموس لا لينقضه؟
ما هو قصد يسوع من (الناموس او الانبياء)؟
دعنا نسمع يسوع في مقولة اخري يتكلم عن الناموس والانبياء ماذا قال؟

"36 يا معلّم اية وصية هي العظمى في الناموس.
37 فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك.
38 هذه هي الوصية الاولى والعظمى.
39 والثانية مثلها. تحب قريبك كنفسك.
40 بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء"
(متى 22 : 36 –40)

الناموس الموسوي يتكون من شقين:

1-     ناموس الفرائض: والخاص بعلاقة الانسان بالله، وتنظمها الذبائح بانواعها الخمسة من ذبيحة المحرقة (لاويين 1) وذبيحة الخطية (لاويين 4) وذبيحة الاثم (لاويين 5) وذبيحة السلام (لاويين 3) وتقدمة الدقيق (لاويين 2)

2-      ناموس الاخلاق: وهي العلاقة بين الانسان واخيه الانسان وتنظمها الوصايا العشرة (خروج 20) وما تبعها من وصايا اخلاقية تتعلق بعلاقة الانسان باخيه الانسان (اللاويين).

بالنسبة للناموس الاخلاقي: باق بقاء الانسان علي وجه الارض.
(خروج 20 : 1 – 17)

بالنسبة لناموس الفرائض، كانت كل الذبائح التي يقدمها الشعب قديماً ترمز الى الذبيحة السمائية التي تنبأ عنها كل الانبياء. كانت هذه الذبائح ترمز الى "يسوع المسيح حمل الله النازل من السماء" (يوحنا 1 : 36)
فقد تمت وأبطلت وأنتهي مفعولها بتقديم الذبيحة الحقيقي، فلما جاء المرموز اليه بطل الرمز وسقط من تلقاء نفسه.

لم تكن الذبائح المطلوبة طوال العهد القديم كافية لمغفرة الخطايا. كانت كل الذبائح تقوم بالتكفير فقط،  وهي كلمة مشتقة من الاصل اليوناني ( cover) أي تستر الخطية الي ان يأتي الذبيحة الحقيقية ليتمم الغفران، وقد كان كل الانبياء يعرفون ذلك:
انك لا تسرّ بذبيحة والا فكنت اقدمها بمحرقة لترضى" ( مزامير 51 : 16)
لماذا لي كثرة ذبائحكم يقول الرب. اتخمت من محرقات كباش وشحم مسمنات.  وبدم عجول وخرفان وتيوس ما أسر." ( اشعياء 1 : 11)

هذا ما كان يسوع يعلم تلاميذه به قبل الصليب :

وابتدأ يعلّمهم ان ابن الانسان ينبغي ان يتألم كثيرا ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل. وبعد ثلاثة ايام يقوم." ( مرقس 8 : 31) 

وهذا ايضا ما كان يعلمه لهم بعد القيامة، ويشرحه ويفسره لهم من موسى والانبياء (جميع الكتب). 

" 26 أما كان ينبغي ان المسيح يتألم بهذا ويدخل الى مجده.
27 ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الانبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب"
(لوقا 24 : 26 – 27)
وقد كان اول اعلان الهي بان ناموس الفرائض كان انتهي ليس كلام موسى بل اعلان الله الواضح.
واذا حجاب الهيكل قد انشق الى اثنين من فوق الى اسفل." (متى 27 : 51)
وقد كانت هناك اشارات مستمرة اثناء حياة يسوع الي ان زمان ناموس الفرائض انتهى، في حواره مع المرأة السامرية:
"21  قال لها يسوع يا امرأة صدقيني انه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في اورشليم تسجدون للآب.
22 انتم تسجدون لما لستم تعلمون.اما نحن فنسجد لما نعلم.لان الخلاص هو من اليهود
23 ولكن تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق. لان الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له." ( يوحنا 4 : 21 – 23)

وهذا مافهمته المرأة السامرية حقيقة من كلامه، ذلك لانها سألته ان كان هو المسيا المنتظر؟؟؟

لقد كان يسوع هو متمم ناموس الفرائض :
لا يبقوا منه الى الصباح ولا يكسروا عظما منه. حسب كل فرائض الفصح يعملونه."
(سفر العدد 9 : 12)

وطبعا كلنا نتذكر ان يسوع المسيح قد صلب في عيد الفصح اليهودي، وقد كان هو خروف الفصح الحقيقي ( وانتهى بذلك الرمز) وقد تحقق فيه ان عظما من عظامه لم يكسر :
"33 واما يسوع فلما جاءوا اليه لم يكسروا ساقيه لانهم رأوه قد مات. 34 لكن واحدا من العسكر طعن جنبه بحربة وللوقت خرج دم وماء. 35  والذي عاين شهد وشهادته حق وهو يعلم انه يقول الحق لتؤمنوا انتم. 36  لان هذا كان ليتم الكتاب القائل عظم لا يكسر منه." ( يوحنا 19: 33 – 36)

الآن بعدما تقدم، وفي ضوء فهم حقيقي لكلمة الرب يسوع المسيح بانه لم يأت لينقض بل ليكمل نستطيع ان نفهم مقولة الرسول بولس، ان يسوع المسيح لم ينقض كل الناموس لانه باق ، ولكنه اكمل ناموس الفرائض (التي كانت رمزا اليه) وبعد ان تحققت واكملت فيه وقد قالها بفمه الكريم علي عود الصليب (قد اكمل، ونكس رأسه، واسلم الروح) (يوحنا 19 : 30)

كمثال بسيط نقول: 
انه اذا كان لديك شيكا بمبلغ من المال مكتوبا لبنك معين، فان هذا الشيك يعني انك اذا تقدمت الى البنك فانك سوف تسحب فوراً القيمة المكتوبة على الشيك، وبعدها يتم ابطال مفعول الشيك لانه قد تم صرفه وتحقيقه. 

نفس الشيء حصل بالنسبة لناموس الوصايا في فرائض فكانت هي الرمز الى ما سوف يحدث في الذبيحة المعينة قبل تأسيس العالم (بطرس الاولى 1 : 20)

الان اقرأ هذه الكلمات مرة اخري من بولس، وتذكر ان المسيح قد نقض حائط السياج المتوسط أي العداوة ( وقد كان رمزه حجاب الهيكل الذي انشق عند الصليب، ليقول ان العلاقة بين البشر والله اصبحت مباشرة، ليس هناك حاجة الي كهنة ينوبون عن البشر في التقدم الي الله لتقديم الذبائح الحيوانية لنوال المغفرة، انتهت التقدمات الحيوانية، وانتهى الكهنوت بمفهوم العهد القديم، لقد كان كل من يتقدم الي قدس الاقداس غير الكهنة يموت، والان لنا سلام ان نتقدم الي الله بدون خوف الموت، لانه صالحنا مع الله في جسده علي عود الصليب. صالح الاثنين في جسد واحد، بمعنى الله والانسان صالحهما في جسد واحد لانه هو الله المتجسد وعلي الصليب تمت هذه الخطوة .

هل فهمت الان ياعزيزي معنى كلمتي الرب يسوع (ماجئت لانقض، جئت لاكمل)
إليك يامن تقرأ باحثا عن الحقيقة وحدها.
باحثا عن الاله الحقيقي وحده ويسوع المسيح الذي أرسله.